أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
“نقلا عن BBC العربية”
كشف المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي جون بولتون في كتابه “الغرفة التي شهدت الأحداث” الكثير من أسرار “المطبخ” الداخلي لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وموقفه من العديد من القضايا وطريقة تعامله غير الاعتيادية مع قضايا دولية حساسة ومعقدة.
وتحدث بولتون في الفصل السابع الذي يحمل اسم “ترامب يريد الخروج من سوريا وأفغانستان لكنه لا يعرف المخرج” عن العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة خلال فترة وجوده في المنصب وكيفية تعامل ترامب مع الطلبات المتكررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول بنك خلق التركي و فتح الله غولين والمقاتلين الأكراد في سوريا.
ويقول بولتون إن ترامب مغرم بالزعماء السلطويين الأجانب أمثال بوتين وأردوغان وشي جي بينغ.
ويقدم الكتاب صورة مفصلة لكيفية نجاج أردوغان في الوصول إلى ما يبتغيه من الإدارة الأمريكية في كل القضايا التي تقع تحت سلطة ترامب المباشرة.
والمرة الوحيدة التي شعر فيها ترامب بالانزعاج من موقف أردوغان كان بسبب رفض تركيا إطلاق سراح القس أندرو برونسون الذي اعتقلته تركيا بتهمة التجسس والقيام بإنشطة إرهابية عام 2016.
وكانت الإدارة الأمريكية متأكدة من أن برونسون أصبح ورقة مساومة بيد أردوغان وهو ما أكده في أكثر من تصريح علني عندما ربط إطلاق سراحه بتسليم واشنطن رجل الدين التركي وحليف أردوغان السابق فتح الله غولين المقيم في الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاما.
ويبدو أن إصرار ترامب على إطلاق سراح برونسون واستقباله في البيت الأبيض كان لأهداف انتخابية حيث أن تباع الكنيسة الانجيلية التي يتبع لها برونسون ودعمت ترامب في انتخابات 2016، يمثلون نحو 26 في المئة من الناخبين الأمريكيين وهو ما يمثل أكبر كتلة انتخابية في البلاد وباتت قاعدة الدعم الأساسية لجميع المرشحين الجمهوريين منذ عهد رونالد ريغان.
وعندما تعثرت جهود ترامب في إطلاق سراح برونسون أعلن ترامب عن رفع الرسوم الجمركية على واردات الحديد والألمنيوم من تركيا التي سرعان ما تم الغاؤها بعد إطلاق سراح برونسون.
ويشرح بولتون مجريات الاتصال بين الزعيمين بقوله:”بعد عودة ترامب من قمة هلسنكي اتصل أردوغان لاستكمال بحث ما تم التطرق اليه بشكل سريع خلال لقائهما في قمة الناتو حول مسألة غولين وعلاقة برونسون به. كما اثار أردوغان مرة ثانية أحد المواضيع الأثيرة لديه وتحدث حوله مع ترامب مرارا وهو إدانة محمد عطا الله، المسؤول الكبير في بنك خلق التركي الحكومي بتهمة الاحتيال المالي عبر انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وكان التحقيق الجنائي الذي يقوم به القضاء الأمريكي حول نشاط البنك يمثل مصدر تهديد لأردوغان بسبب ما يقال عن استخدام أسرته للبنك لأغراضها الخاصة وقد زاد هذا الامر مع تولي صهره البيراق منصب وزير المالية”.
ويرى أردوغان أن الدعوى ضد البنك يقف وراءها غولين وبالتالي هي جزء من مؤامرة ضده ويلح على الجانب الأمريكي اغلاق هذا الملف وإسقاط الدعوى كما فعل أردوغان مع تحقيق القضاء التركي عام 2014 في قضية تلقي اثنين من وزرائه رشاوى بعشرات ملايين الدولارات لدورهما في تسهيل التجارة مع ايران. ولم يكتف اردوغان بإغلاق الدعوى بل جرت مطاردة ومحاكمة كل من كان له دور في التحقيق. ووصف أردوغان التحقيق بانه “محاولة انقلاب” على حكمه.
محامي ترامب والسعي الدؤوب لتحسين العلاقات بين واشنطن وتركيا
*الصديق الحميم
ويقول بولتون إن ترامب قال لأردوغان إنه صديقه الحميم وكل ما يطلبه منه هو اطلاق سراح برونسون، لكن مع رفض أردوغان الاستجابة لرجاء ترامب شعر الأخير أخيراً بالانزعاج وقال لأردوغان خلال المكالمة: “إن مسيحيي الولايات يشعرون بالغضب من استمرار سجن برونسون وقد وصلوا لمرحلة الجنون” ،فرد عليه أردغان أن مسلمي تركيا أيضا وصلوا لمرحلة الجنون بسبب الموقف الأمريكي فقاطعه ترامب قائلاً: انهم كذلك في كل أرجاء العالم وهم أحرار بذلك. وخرجت المكالمة عن السيطرة وقال ترامب في أعقابها إن عقوبات كبيرة ستفرض على تركيا ما لم يعد القس إلى الولايات المتحدة.
وبعد فرض عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين بعد استشارة ترامب، عبر الأخير لبولتون عن عدم ارتياحه لهذه العقوبات لأن فيها إهانة لتركيا حسب رأيه وكان يفضل زيادة التعرفة الجمركية على الواردات الأمريكية من الحديد والألمنيوم من تركيا وهو ما جرى وتم الإعلان عنه لاحقاً عبر تغريدة لترامب.
ويقول بولتون إن كل الجهود الدبلوماسية فشلت في إطلاق سراح برانسون وفي نهاية المطاف كان ما يؤمن به ترامب في محله حول كيفية التعامل مع أردوغان، وهي أن الضغوط الاقتصادية والسياسية فقط كفيلة بإطلاق سراح برونسون وبات ترامب اخيراً لا يمانع في اللجوء إلى هذا الخيار وتحول اردوغان فورأ إلى عدو لدى ترامب بدلا من اقرب صديق على الصعيد الدولي.
وبعدها بأسابيع قليلة أطلق سراح برونسون واستقبله ترامب في البيت وعقد مؤتمرا صحفياً أدى خلاله القس الصلاة من أجل ترامب.
المرة الوحيدة التي شعر فيها ترامب بالغضب من أردوغان كان بسبب القس برونسون